كثير من الأمور يبدو ظاهرها في بياض الخير ونقائه ولكن في باطنها يكمن السوء والسواد والتواطؤ علي الإنسانية بكل ماتحمله الكلمات من معاني, وهذا ما حدث بالفعل علي أرض الواقععندما قررت وزارة الشئون الاجتماعية- قبل ثورة30 يونيو وفي حكم الإخوان- إنشاء منتجعات يتم فيها عزل الأطفال الأيتام واللقطاء ومجهولي النسب من الأطفال بلا مأوي- بدعوي رعايتهم وتقديم الخدمات لهم, ولكن هذه المنتجعات في واقع الأمر ماهي إلا معسكرات تقوم بتدريبهم وتجنيدهم للقيام بأعمال غير قانونية ممايضر بطفولتهم ويعرض حياتهم للخطر كمايؤكد هاني هلال رئيس جمعية النهوض بأوضاع الطفولة وأمين عام الائتلاف المصري لحقوق الطفل.ففي تحد واضح لمطالب المجتمع المدني المصري المعني بحقوق الطفل, أقرت وزارة الشئون الاجتماعية- قبل الثورة وفي حكم الإخوان- الخطة الاستراتيجية للتعامل مع قضية أطفال بلا مأوي من أطفال الشوارع, والتي أصرت فيها علي إنشاء منتجع أو معسكر علي حدود القاهرة يتم فيه عزل الأطفال من اليتامي واللقطاء ومجهولي النسب والمعروفين بأطفال الشوارع, بعيدا عن الحياة الطبيعية وفي معزل عن أقرانهم, وقد تجاهلت الوزارة أن تنفيذ هذا المقترح ينتهك حقوقهم ويتعامل معهم بفكرة النازية أو العنصرية وذلك تحت دعاوي كاذبة بأن هذا العزل سوف يحمي المجتمع منهم ومن مشاكلهم الكثيرة, ولكن الحقيقة تقول أن هذا العزل الجائر لهم يمكن العصابات المنظمة والمنظمات والجماعات الإرهابية المخالفة للقانون من استغلالهم في الأعمال المخالفة للقانون والصراعات السياسية, بل وقد يورطهم بالمشاركة في النزاعات المسلحة بالغة الخطورة, لذلك فإن الائتلاف المصري لحقوق الطفل يعلن رفضه لهذا المخطط الفاشي والذي يعيدنا لنفس الفكر القديم العقيم في التعامل مع ظاهرة أطفال الشوارع, والذي يمارس تجاههم كافة أشكال العنف والاستغلال, وأبسط صورها تشغيل هؤلاء الأطفال في الأفران لإنتاج الخبز لسكان القاهرة وأخطرها تدريبهم علي القتال المسلح واستغلالهم في المعارك السياسية, هذا في الوقت الذي تجاهلت الوزارة فيه طفولتهم وانعدام خبرتهم ولم تهتم مطلقا بتطوير عقولهم وتأهيلهم وإصلاحهم سلوكيا واجتماعيا وتعليميا, ولم تعمل علي تطوير المؤسسات الراعية لهم ولم تقم بتدريب المتخصصين فيها والمسئولين عن تأهيلهم.أيضا لم تهتم بالوقوف علي الأسباب الطاردة لهؤلاء الأطفال والتي أدت إلي هروبهم من مؤسسات الإيواء إلي الشارع وقد فضلوا الإقامة فيه بكل مخاطره وسيئاته علي الأجواء الخانقة فيها, والتي كثيرا مايعبرون عن شعورهم هذا بقولهم نار أرصفة الشارع.. ولاجنة دار اليتيم.ومن هنا يناشد الائتلاف المصري لحقوق الطفل د.أحمد البرعي وزير التضامن الاجتماعي- بعد ثورة30 يونية العظيمة- بالتخلي عن تلك الخطة الاستراتيجية التي أقرتها الوزارة السابقة للتعامل مع قضية أطفال الشوارع, خاصة أنه كان هناك رفض جماعي لها ظهر في المؤتمر الذي عقد في الفترة ما بين17 إلي22 نوفمبر الماضي تحت عنوان( الواقع والتحديات.. الخطة التنفيذية), إلا أن الجميع فوجيء بإعلان تنفيذه في المؤتمر الذي عقد في25 من يناير الماضي وتم بالفعل البدء فيه بحشد هؤلاء الصغار.ويوجه الائتلاف نداء للدولة بكافة مؤسساتها الحكومية وغير الحكومية- بوقف هذا المشروع اللا إنساني, ودمج هؤلاء الأطفال في المجتمع كأشخاص طبيعيين لهم نفس الحقوق وعليهم نفس الواجبات, مع تمكينهم من كافة حقوقهم التي يكفلها لهم القانون, وتغيير الثقافة السائدة التي تتعامل معهم علي أنهم مجرمون وخارجون عن القانون, وتطوير المؤسسات القائمة علي رعايتهم وتخصيص كفاءات للتعامل معهم.وإلي أن يتحقق هذا يعلن الائتلاف المصري لحقوق الطفل رفضه التام لهذه الإسترتيجية, ويؤكد عدم التعاون معها في أي من مراحلها, ويحمل الحكومة المصرية أمام الرأي العام مسؤلية انتهاك حقوق الطفل المصري, ويتعهد بمواصلة مناهضتها علي المستويات الثلاثة وطنيا وإقليميا ودوليا.من جهة أخري, وفي سباق مع الزمن, تقدم الائتلاف إلي لجنة الـ10 المكلفة بوضع الاقتراحات علي تعديلات دستور مصر, في أول أيام عملها بمقترح منظمات المجتمع المدني الأعضاء في الائتلاف حول وضع الطفل في الدستور لتأكيد أهمية أن يتضمن الدستور الجديد عددا من الاعتبارات الرئيسية في صياغة مواده بما يؤكد ويعلن التزام الدولة وكافة مؤسساتها بكفالة حقوق الطفل الأساسية, بداية من إقرار تعريف الطفل, وأن يشمل الدستور المبادئ الإرشادية الأربعة لاتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل, وتحديد الآليات التي ستعني بوضع السياسات والميزانيات المخصصة لدعم هذه الحقوق, وأن يحتوي الدستور علي كفالة الدولة لحقوق الطفل المدنية والسياسية, والالتزام بإعطاء المساحة الإعلامية الكافية التي ترسخ فيه احترامه واعتزازه بهويته الوطنية وتنمي وعيه بالأوضاع التي يعيشها, وأن يحتوي الدستور علي كفالة الدولة للحقوق الإنمائية وحق الفئات المستحقة من الأطفال في الحصول علي الضمان الاجتماعي ومعاش الطفل, وعلي كفالة الدولة لحقوق الفئات ذوي الاحتياجات الخاصة من الأطفال بمن فيه النابغون أو المتأخرون.. وفي هذا الإطار تقدم الائتلاف برؤية منظمات المجتمع المدني المعنية بحقوق الطفل الأعضاء بالائتلاف للجنة بنص بديل مقترح للمادة70 من دستور2012, يشمل كل ما يضمن حماية حقوق الطفل.
المصدر الاهرام
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.