كل يوم وفي تمام التاسعة صباحا تدخل السيارة الحمراء من بوابة جراج النادي العريق بمصر الجديدة لتقف أمام الممر الذي يوصل إلي ملعب الكروكيه.. تنزل
امرأة في منتصف العمر من باب السيارة الأيسر متجهة إلي الباب الأيمن تاركة محرك السيارة دائرا.. تساعد رجلا ضريرا علي النزول من السيارة وتصطحبه إلي المنضدة التي يجلس إليها كل يوم منتظرا الجرسون ليحضر له القهوة, ثم يتوافد أصدقاؤه ليجلسوا معه حتي ترجع هي من عملها.. تعود أماني الشرقاوي- موظفة العلاقات العامة بأحد الأجهزة الرقابية- في الثالثة عصرا لتصطحب زوجها محمود إلي المنزل.. وفي السابعة مساء يعود الزوجان إلي النادي ليلتقيا مع أصدقائهما.. وفي العاشرة يغادرن للمنزل مرة أخري.
هذا المشهد ظل يتكرر سنوات وسنوات حتي فوجئنا بنعي محمود فكري منشورا في لوحة الإعلانات, وغابت أماني عن النادي فترة طويلة.. منذ أيام رأيتها تجلس وحيدة مع ميني لاب ومجموعة من الكتب فاقتربت منها أسألها عن سبب غيابها كل هذه المدة وعن قصة وفائها لزوجها, تلك القصة التي أثارت دهشة الكثير من الأعضاء في زمن قل فيه الوفاء, فقالت: أنا كأي فتاة كان لي أحلام وطموحات, قضيت طفولتي مع والدي وشقيقي في دولة عربية حيث كان والدي يعمل محاسبا. حصل أخي علي الشهادة الثانوية وكنت وقتها في الإعدادية فقرر والدي العودة إلي مصر ليلتحق شقيقي بكلية الطب وأنا بالمدرسة الثانوية.. تمر السنوات فيتخرج الأخ ويتزوج ويسكن في منزل آخر, وفي هذه الأثناء كنت قد التحقت بكلية الآداب وتخرجت, فعملت مدرسة بإحدي المدارس لمدة خمس سنوات حتي واتتني الفرصة لألتحق بالجهاز الرقابي.
بعد عام من التحاقي للعمل بالمدرسة أصيبت أمي بالسرطان فكنت أرعاها مع والدي حتي صدمته سيارة في الطريق وأصيب بارتجاج في المخ فأصبحت مسئولة عن رعايتهما سويا, في هذه الأثناء تعرفت علي محمود في النادي وتمت الخطبة, ولأنه كان شهما بطبعه فقد وقف بجانبي يرعي والدي بكل حب ورحمة.
وفي عام1998 وبعد زواجي من محمود بعدة شهور توفيت والدتي, وبدأنا مسيرة حياتنا, لكن القدر كان يخبئ لنا مفاجأة.. لقد أصيب محمود بمرض السكري, ذلك المرض اللعين الذي سرعان ما قضي علي نظره فصار كفيفا يحتاج لمن يرعاه ويعينه علي حياته الجديدة في الظلام.
رعيته بكل حب وتقدير وتفان لمدة11 عاما.. في كل يوم يمر علي كنت أشعر أنني مازلت لم أرد له جميله حين اهتم بشئون أمي وأبي وقت مرضهما.. ولأن الرياح قد تأتي بما لا تشتهي السفن كما يقولون, رحل محمود وانتقلت للعيش مع أبي الذي أصيب بعد شهور من وفاة زوجي بسرطان المخ وتليف النخاع وشلل, فانقطعت عن النادي والزيارات والفسح لأتناوب رعايته مع الممرضة حتي توفي بعد عامين من رحيل محمود لأعيش وحيدة مع كتبي وكلابي التي تؤنس وحدتي.
أنهت حديثها بابتسامة قائلة: رغم كل الظروف التي مررت بها إلا إنني استطعت إصدار أربعة كتب عبارة عن قصص قصيرة وأصبحت عضوة باتحاد الكتاب.
فتحية لتلك المرأة التي ملكت روحا نبيلة جعلتها تتفاني في خدمة ورعاية الأب والأم والزوج حين عصف بهم المرض.. فعلت ذلك بكل الحب والود.
هذا المشهد ظل يتكرر سنوات وسنوات حتي فوجئنا بنعي محمود فكري منشورا في لوحة الإعلانات, وغابت أماني عن النادي فترة طويلة.. منذ أيام رأيتها تجلس وحيدة مع ميني لاب ومجموعة من الكتب فاقتربت منها أسألها عن سبب غيابها كل هذه المدة وعن قصة وفائها لزوجها, تلك القصة التي أثارت دهشة الكثير من الأعضاء في زمن قل فيه الوفاء, فقالت: أنا كأي فتاة كان لي أحلام وطموحات, قضيت طفولتي مع والدي وشقيقي في دولة عربية حيث كان والدي يعمل محاسبا. حصل أخي علي الشهادة الثانوية وكنت وقتها في الإعدادية فقرر والدي العودة إلي مصر ليلتحق شقيقي بكلية الطب وأنا بالمدرسة الثانوية.. تمر السنوات فيتخرج الأخ ويتزوج ويسكن في منزل آخر, وفي هذه الأثناء كنت قد التحقت بكلية الآداب وتخرجت, فعملت مدرسة بإحدي المدارس لمدة خمس سنوات حتي واتتني الفرصة لألتحق بالجهاز الرقابي.
بعد عام من التحاقي للعمل بالمدرسة أصيبت أمي بالسرطان فكنت أرعاها مع والدي حتي صدمته سيارة في الطريق وأصيب بارتجاج في المخ فأصبحت مسئولة عن رعايتهما سويا, في هذه الأثناء تعرفت علي محمود في النادي وتمت الخطبة, ولأنه كان شهما بطبعه فقد وقف بجانبي يرعي والدي بكل حب ورحمة.
وفي عام1998 وبعد زواجي من محمود بعدة شهور توفيت والدتي, وبدأنا مسيرة حياتنا, لكن القدر كان يخبئ لنا مفاجأة.. لقد أصيب محمود بمرض السكري, ذلك المرض اللعين الذي سرعان ما قضي علي نظره فصار كفيفا يحتاج لمن يرعاه ويعينه علي حياته الجديدة في الظلام.
رعيته بكل حب وتقدير وتفان لمدة11 عاما.. في كل يوم يمر علي كنت أشعر أنني مازلت لم أرد له جميله حين اهتم بشئون أمي وأبي وقت مرضهما.. ولأن الرياح قد تأتي بما لا تشتهي السفن كما يقولون, رحل محمود وانتقلت للعيش مع أبي الذي أصيب بعد شهور من وفاة زوجي بسرطان المخ وتليف النخاع وشلل, فانقطعت عن النادي والزيارات والفسح لأتناوب رعايته مع الممرضة حتي توفي بعد عامين من رحيل محمود لأعيش وحيدة مع كتبي وكلابي التي تؤنس وحدتي.
أنهت حديثها بابتسامة قائلة: رغم كل الظروف التي مررت بها إلا إنني استطعت إصدار أربعة كتب عبارة عن قصص قصيرة وأصبحت عضوة باتحاد الكتاب.
فتحية لتلك المرأة التي ملكت روحا نبيلة جعلتها تتفاني في خدمة ورعاية الأب والأم والزوج حين عصف بهم المرض.. فعلت ذلك بكل الحب والود.
المصدر الاهرام
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.