الجمعة، 17 يناير 2014

بريد الجمعة تكتبه - جيهان الغرباوى: اتحاد عديمي الموهبة

سيدتي محررة بريد الجمعة أكتب اليك وانا في منتهي الإحباط والغيظ‏, وكنت أتمني لو كانت رسالتي الأولي إليك أكثر هدوءا ورصانة وتوازنا‏,‏ خاصة اننا في عام جديد يتبادل الناس فيه التهاني ويتفاءلون خيرا من البداية حتي يجدوه‏.‏
اعرف اني أفضل من غيري, ومن كثير جدا من أصحاب المشكلات العصيبة الذين يراسلونك ولا يرجون حتي لها حلا غير انهم ينشدون بعض الفضفضة و المشاركة والعزاء.
اعرف اني علي الاقل عندي وظيفة محترمة في شركة وطنية كبيرة ومعروفة ويصعب جدا ان تتخلي عنها الدولة او تغلقها او تبيعها بسهولة.
واعرف ان عندي والحمد لله الصحة التي تمكنني من الاداء والعمل.
ولكن هل تعرفين سيدتي ان عملي اصبح هو سبب همي ونكدي؟
بسبب مشاكله العقيمة والحروب التي تدور فيه يوميا ولأتفه الاسباب, اورثني المرض والعصبية واللا مبالاة والاحباط الدائم.
بسبب مدير جاهل وكاذب لا يعرف من أصول المهنة شيئا, وليس له طموح غير ان يحافظ علي راتبه الكبير ومزاياه من العمل, اطول وقت ممكن وتحت اي ظروف.
وبسبب شلة المنتفعين والمنافقين حوله, وهم عصابة من عديمي المواهب لهم غرور الجهل وسلوك اصحاب الافكار القديمة المتحجرة الذين لا امل في تطورهم.
بسببهم أصبحت لا اؤمن حتي بأهمية العمل, وبسبب ظروف البلد الاقتصادية بعد ثورتين, صرت غير قادر علي الانتقال واستبدال عملي الحالي بعمل آخر,في مكان افضل.
انني اكاد ان اموت كمدا, تحت ضغوط العمل الذي صار بالنسبة لي عبثيا وكئيبا في الوقت نفسه لا اجد, مفرا او بديلا عنه, فهو مصدر دخلي واكل عيشي.
مع كل تغيير انتظر ان تتغير قيادات العمل في شركتنا الكبيرة,لكن الوضع متجمد ولا امل في زوال تلك الوجوه الثلجية عن قريب.
طال الانتظار والاحباط مستمر,ولا أحد له اي قيمة او تقدير بسبب اتقانه عمله او بسبب قدرته علي الابداع والنجاح, لا في شركتنا ولا في مصر عموما؟
كلما طالعت وجه مديري كل صباح فقدت الامل والطموح وغلبني الاحباط و ضعفت قدرتي علي الاستمتاع بأي شيء, الحرب المستمرة في مقر العمل انتحار, فهل عندك نصيحة او حل؟
إياد منصور
>> عزيزي إياد الموظف الشاب التعيس..
من تظنه قال هذا:
( لقد قضيت زهرة حياتي اتحف الناس بما يسري عنهم ويسعد أوقاتهم فكان جزائي أن رجال الشرطة يطلبون رأسي)؟
-إنه ال كابوني, زعيم أعتي عصابة إجرامية ظهرت في شيكاغو والذي لقبه الامريكيون, وقتها بعدو الشعب رقم1, لكنه مع ذلك لم يلم نفسه قط, بل كان يعتقد انه مصلح اجتماعي لم يقدره الناس ولم يحسنوا فهمه فهل يمكنك الآن ان تتخيل مديرك في العمل ومايعتقده عن نفسه ؟
بقدر ما تؤمن انت بأنك اكثر ذكاء منه, واكثر قدرة علي ادارة الامور وتقييم الاشخاص, يؤمن هو كذلك, بأنه افضل من جلس علي مقعد القيادة, الذي يعتليه في شركتك الآن!
ان مديرك يعتقد ايضا انه يفني زهرة شبابه ونور عينيه ويضيع وقته وجهده يوميا في التعامل مع المرءوسين المشاغبين والبلداء, لكنه يضحي,من اجل الوطن و الصالح العام, بغض النظر ان الشركة التي يرأسك فيها تخسر الملايين سنويا!!
من هذا الخلاف في اعتقاد كل منكما عن نفسه, تنشأ المشاكل والصعوبات.
وتتكرر هذه الحالة كثيرا في مصر كما ذكرت, حتي شاع المثل الهدام القائل( اربط الحمار مطرح ما يريد صاحبه), وكأنه يدعو كل موظف او صاحب مهنة, ان يكون سلبيا وإمعة, تحت غطاء زائف يحسبونه الذكاء الوظيفي.
عندي لك خطة افضل كي تكسب مديرك وتحتفظ بمساحة لنفسك, تنفذ فيها افكارك قدر الامكان,ولا تفقد مع الوقت حماسك ورغبتك وقدرتك علي التفكير والابداع والعمل او حتي طموحك في التقدم والترقي.
تعال نجرب بعض نصائح خبراء الادارة وعلم النفس,الذين ينصحونك بالتالي:
اذهب الي مقر عملك مبكرا أو في موعد العمل المنضبط حتي لا تجعل احدا يفتقدك حيث يتوقعك وهذا سيغلق الابواب علي الطعن في جديتك من بعض منافسيك والحاقدين عليك. من زملائك.
تذكر ان معظم المديرين ورؤساء العمل يريونك موظفا خاليا من المشاكل,فلا تبالغ في الشكوي ولا تتعلل بأعذار عائلية لا دخل للعمل بها.
اعرض أفكارك ومطالبك بأسلوب تمثيلي جذاب واستخدم المونتاج منعا للمط والتطويل الممل.
اذا تحدث مديرك فانصت جيدا واعلم ان الاستماع بشغف أعلي دروب الثناء والتقدير,فلا تبخل بذلك عليه, فهو مثل اي انسان آخر قد يتفوق عليك ولو بصفة واحدةفيه ويمكن ان تتعلمها منه,نحن نتعلم من النمل والنحل والنبات, ألن تتوقع ان تتعلم اي شيء يذكر من ذلك الرجل الذي يقود مسار عملك؟
حتي الاخطاء تجعلنا ندرك اين هي الاشياء الصحيحة, والعقاد كان يؤكد انه يستفيد حتي من قراءة الكتاب التافه,لأنه يعرف بسببه قيمة الكتاب العظيم!
ضع نفسك مكان الآخر, وقدم في كل مناقشة عدة بدائل ولا تسفه من افكار وقرارات الزملاء بالذات امامهم, واذا طلبت شيئا دعم طلبك بابتسامة من القلب, وتذكر ان بشاشة الوجه خير من أناقة الثياب.
تجنب الزوايا الحادة ولا تدخل في نقاش عقيم لأنك ستكون والاحمق سواء, هذا لا يتعارض مع اعتزازك بنفسك وعرض افكارك بشجاعة, ولكن لا تجعل الانتصار في المناقشة هو كل همك لأنه انتصار زائف ومؤقت,المهم ان تكون صادقا ومقنعا ومقبولا.
قد تري نفسك موضع نقد دائم من المدير أوبعض معاونيه, بينما انت مقتنع بقيمة فكرتك ومهنية عملك ومستوي تدريبك وادائك, وقتها اكمل.. لا تخف ولا تهتز, افعل ما عليك بأمانة وباخلاص, دون ان تخشي العواقب( ولا يهمك)..., التمس الأدب والكياسة, وسوف يقف الله بجانبك.
واصل ما انت فيه, وتأكد ان نجاحك هو اشد عقاب وعذاب, للحاقدين عليك من حزب اعداء النجاح, او اتحاد عديمي الموهبة.
اصبر علي كيد الحسود فان صبرك قاتله
فالنار تأكل نفسها ان لم تجد ما تأكله
وأخيرا نصيحتي, ان تشفق علي مديرك و لو قليلا وتلتمس له الاعذار ولو مؤقتا..
تذكر انه يري الصورة كاملة ومتشعبة, وربما مرتبكة ومعقدة في بعض الأحيان, بينما انت لا تري الا من موقعك انت ولا تبالي الا بمطالبك وافكارك, ومصالحك انت.
اشفق ولو قليلا علي من يجلس في مقعد القيادة, وذكر نفسك انك ربما جاء يوم ودخلت نفس الحجرة, وجلست عليه.. اقصد مقعد القيادة طبعا, وليس المدير!!.
في النهاية لن يصح الا الصحيح, حتي اذا رأيت الاقل منك موهبة او درجة علمية او خبرة او تدريبا هو الذي يصعد نجمه, وانت قابع في مكانك تنتظر ولا تحصل الا علي اقل القليل.
حتي لوبعد العناء الطويل والجهد الجهيد لاتجد أنك ربحت غير الستر والصحة وحب الناس فتأكد أن هذا ليس بالشيء اليسير, وأن غدا لناظرة قريب.
(وفي السماء نجوم لاعداد لها
وليس يكسف إلا الشمس والقمر)!.
اعتن بنفسك ولاتتوقف عن تطوير مهاراتك... ثق في جزاء الله.. وحين تصبح أنت المدير سأنتظر منك 
رسالة أخري.



المصدر الاهرام

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.